هذه الغرفة المشبعة برائحة الملابس القديمة المعقمة تضيق علي...و تضيق بي...و الفطر سليل الرطوبة كحبات الملح الدقيقة، و المنزرع في الزوايا و الأركان كطبقات رقيقة من القطن المنفوش...و طلاؤها الرمادي الباهت القاتم يخنقني...تتقلص جدرانها الأربعة فتحاصرني...و ينزل فوقي سقفها...أهرع إلى النافذة أفتحها علني أرى وجه السماء...او علني أشرب جرعة هواء...يصفعني جدار خامس...وراء الجدار الخامس جدران رمادية باهتة ،قاتمة، متآكلة، لا حياة في ألوانها...حتى لون السماء هنا تواطأ مع ألوان هذه المدينة التي تتشابك في أطرافها المباني و يتدفق فوقها سحاب السماء و ينساب منها دخان لا أعرف مأتاه...و تصبح الألوان كلها غبشية منفتحة و منغلقة، متداخلة تداخلا عنيفا، محدثة تلوثا فجا في الأفق الذي يمتد أمام بصري...و لا أرى وجه السماء...و لا أشرب جرعة هواء...و
تصبح " نابولي" مدينة الكآبة...مدينة كئيبة...
...حاولت انتعال حذائي للخروج من هاته العتمة....انحنيت، و انكببت أمسك بطرفي الخيط...ارتبكت أصابعي و نسيت كيف أعقد الرباط...خسرت بعض اللحظات....اندفعت إلى الباب أفتحه فمانع...صارعته حتى انفتح و اندفعت خارجا...أغلقته ورائي، فارتطم بإطاره الخشبي و عاد ينفتح ساخرا، متهكما....أسرعت بالنزول من درجات الطابق الثالث، أختزلها بوثبات مديدة...مخلفا ورائي و فوقي عناصر و ألوانا تحتفي احتفاء صارخا بكرنفال من الكآبة......
.....في البهو، اعترصني كلب مدير الفندق ال"سنيور سيلفيو" يجر إحدى قوائمه جرا، سابلا إذنيه إلى الخلف، مرحبا...منظر آخر يلوث البصر...سماء دخانية اللون، جدران رمادية حزينة، مدينة كئيبة...و كلب أعرج...هذا "الراعي الألماني" الضخم عاهته أفقدته عدوانيته و غريزته المتوحشة و جعلته ذليلا، ودودا، وديع الملامح، طيب القسمات...أربت على رأسه متوددا، مشفقا و أعبر البهو إلى باب الخروج...كدت أخرج...اصطدمت بال"سنيور سيلفبو" حين انعطفت...كان يهم بالدخول...و كنت أهم بالخروج، فصدني...ارتطمت ببطنه فتقهقرت إلى الوراء، وعدت إلى الداخل مترنحا...كدت أسقط..و لكني تمالكت جسدي... و لم اسقط...نظر إلي ال"سنيور سيلفيو" نظرته الباردة التي لا حياء فيها و لا حياة...و تجاوزني في صمت...بادرت بالإعتذار مبتسما، متوددا :
_ إسكوزا مي سنيور سيلفيو.
لم يرد على اعتذاري...تجاهلني و واصل سيره غير مبال، يحمل جسده الضخم و يتنفس في عسر و يدفع بطنه الكبير...رأيته يتمتم و هو يتقدم ببطء...لم أتبين ما قال...رأيت شفتيه تتحركان....
_ بريقو.
هل قال "بريقو"؟... هل رد على اعتذاري؟...هل قالها حقا؟....لا...لا أعتقد...بل الأقرب أنه شتمني شتما غليظا فاحشا...أنا أعرف ال"سنيور سيلفيو"...إنه لا يعتذر، و لا يرد على اعتذار......
...استفزتني حركة شفتيه..ملامح وجهه المشمئزة دائما...نظراته السلبية الباردة، و الحاقدة على كل شيء...تمتمته المريبة الغامضة...كل هذا أعطاني انطباعا فوريا بأنه شتمني....هل شتمني حقا؟...هل شتمتني يا "سيلفيو"؟....حسنا...إلى الخيال إذا......
...آه من الخيال يا "سيلفيو"...
" لست أدري تحديدا أي شيطان رجيم يمتطي صهوة رأسي و يلهو بخيالي و بعبث بي حين أرى حمرة وجهك المتورم المتورد دائما...فكأنما أرى مؤخرة قرد شقي يستعرض حمرتها بوقاحة و ينط بلا مبالاة من صخرة لصخرة في فضاء ما بحديقة حيوانات "البلفيدير"...سماء دخانية اللون...جدران رمادية حزينة...مدينة كئيبة...كلبك الأعرج...حمرة وجهك يا "سيلفيو"...و مؤخرة "البابوان"...لطخات أربكت المشهد...و عناصر اجتمعت لتلوث البصر...عناصر أسقطت إسقاطا تعسفيا لتجسد للقبح معنى كما ينبغي..."
هكذا رسمت ثلاث نقاط و أغلقت المظفرين و طويت خيالي و مضيت متمتما.
.............................
على قاعدة تمثاله الحجري جلست...تمثاله لا يتوسط الساحة التي تحمل اسمه "بيازا قاريبالدي"....و لكنه في ركن قصي من أركانها....استندت بظهري إلى المدرجات الرخامية تحت رجليه الكبيرتين...كان واقفا باعتدال الواثق ...ينظر إلى الأفق أمامه كمن أنجز مهمة و اطمأنّّ...احتملت البرد تحت رجليه يتسرب إلى ظهري و قفاي من أجل أن أسترخي قليلا مستأنسا بصمته
..." أرأيت يا قاريبالدي كم اتسعت هوة الخلاف بيني و بين هذا المناخ، و انقطع التواصل مع عناصره....أنا هنا عنصر دخيل و جسم غريب...منبتي في الضفة الأخرى و تربتي هناك...أراني الآن هناك، تلفحني خيوط الشمس الذهبية المتوهجة...كم أحن لكتل الضوء المبهرة و لسمرة الأرض و الوجوه و للإبتسامات الدافئة تشرق في وجهي بلا مقابل من وجوه تعتليها الطيبة و التودد...كم أشتاق الآن يا قاريبالدي للقاء صديق، نتعانق في شوق و يربت على كتفي...كم أود زيارة مقبرة "سيدي يحي" و قراءة فاتحة الكتاب على قير والدتي و أنثر فوقه فتات الخبز تقتات منه الطيور....أرى الآن رجل الشرطة بزيه الأزرق الداكن يوقفني هناك على ناصية الشارع المزدحم و يطلب بحدّة وثائقي فيحرجني أمام مارة وجوههم معلقة بي فيتوهج دمي و أتضاءل حتى أندثر و أتلاشى خجلا...لا يهم...يحدث هذا دائما....ما أحوجني الآن يا قاريبالدي لمقعد خشبي مريح أسترخي عليه في الشارع الكبير كما كنت أفعل حين يرهقني التسكع بين واجهات المتاجر الفاخرة أو قاعات سينيما الأنهج الخلفية....كان تمثال ابن خلدون ينتصب على يميني يتأبط كتابه دائما...و دائما كان ورائي باعة الزهور...لكم هممت بأن أمد يدي خلفي و أختلس وردة حمراء، قانية الحمرة، كدمي المتوهج....و لكم هممت بأن أتسلق تمثال الشيخ و أهبه الوردة الحمراء المسروقة و أقرأ في كتابه :" ...التاريخ في ظاهره لا يزيد على إخبار عن الأيام و الدول، و السوابق في القرون الأول، تنمو فيه الأقوال، و تضرب فيه الأمثال، و تطرف بها الأندية إذا غصها الإحتفال، و تؤدّي لنشأة الخليقة كيف تقلبت بها الأحوال، و اتسع للدول فيها النطاق و المجال، و عمّروا الأرض حتى نادى بهم الإرتحال، و حان منهم الزوال، و في باطنه نظر و تحقيق، و تحليل للكائنات و مبادئها دقيق، و علم بكيفيات الوقائع و أسبابها عميق..."...و أقرأ في صفحة أخرى تبدلت صدفة إثر هبة ريح :"...و إذا تبدلت الأحوال جملة فكأنما تبدل الخلق من أصله و تحول العالم بأسره و كأنه خلق جديد و نشأة مستأنفة و عالم محدث، فاحتاج لهذا العهد من يدون أحوال الخليقة.."..
...كان عندي إحساس عميق بأن التمثال الحجري البارد يصغي بتعاطف إلي شجني المكتوم و إلى بوحي و أنا أتداعى بصمت تحت رجليه الرخاميتين الباردتين اللتين ازدادتا بردا باقتراب الليل...و لم يعد ظهري المتصلب يحتمل مزيدا من البرد فنهضت متيبس الفقرات و قد بدأت أضواء الساحة تشتعل...
...عبرت الساحة و الرصيف الحجري الأملس و دخلت الزقاق المؤدي إلى فندق "ألبارقو باصاني" حيث أقيم منذ ثلاثة أشهر...كانت قطعان جرذان اشبه بالخنازير الصغيرة قد بدأت تخرج من أنفاق البنايات و من فتحات المجاري و ترتع متنقلة بين حاويات القمامة و تتنافس على ما حوت...بينما القطط تتهادى و تمضي مسالمة بلا مبالاة...
اجتزت مدخل الفندق بحذر كي لا أرتطم ببطن ال"سنيور سيلفيو"...كنت ساتحاشى النظر إلى حمرة وجهه لو اصطدمت به ثانية...غير أن ذلك لم يحدث....أسرع إلي "الراعي الألماني" الضخم مرحّبا، يجر قائمته متودد القسمات، وديع الملامح، سابلا أذنيه إلى الخلف...مسحت برفق على رأسه فاستكان ذليلا، و مضيت أتسلق الدرجات بوثبات مديدة...فتحت الغرفة فبدت سوداء مظلمة كالقبر برغم فتحة الضوء التي تركتها مفتوحة...هواء السماء يتسرب من النافذة جليديا باردا...كانت الغرفة أشد بردا من رجلي قاريبالدي الحجريتين...البرد الشديد يعمق الإحساس بالغربة...و لم أعد أحتمل وحشتهما.......
...لم أجد شيئا ذا قيمة يمكن أن أضعه في حقيبتي...كل أشيائي تافهة و حقيرة...حتى الجوارب البيضاء اسودت من كثرة استعمالها....و لم يعد ينفع مع سوادها الغسل...و لم أعد أحتاج لحقيبة.....................
انتهت
تصبح " نابولي" مدينة الكآبة...مدينة كئيبة...
...حاولت انتعال حذائي للخروج من هاته العتمة....انحنيت، و انكببت أمسك بطرفي الخيط...ارتبكت أصابعي و نسيت كيف أعقد الرباط...خسرت بعض اللحظات....اندفعت إلى الباب أفتحه فمانع...صارعته حتى انفتح و اندفعت خارجا...أغلقته ورائي، فارتطم بإطاره الخشبي و عاد ينفتح ساخرا، متهكما....أسرعت بالنزول من درجات الطابق الثالث، أختزلها بوثبات مديدة...مخلفا ورائي و فوقي عناصر و ألوانا تحتفي احتفاء صارخا بكرنفال من الكآبة......
.....في البهو، اعترصني كلب مدير الفندق ال"سنيور سيلفيو" يجر إحدى قوائمه جرا، سابلا إذنيه إلى الخلف، مرحبا...منظر آخر يلوث البصر...سماء دخانية اللون، جدران رمادية حزينة، مدينة كئيبة...و كلب أعرج...هذا "الراعي الألماني" الضخم عاهته أفقدته عدوانيته و غريزته المتوحشة و جعلته ذليلا، ودودا، وديع الملامح، طيب القسمات...أربت على رأسه متوددا، مشفقا و أعبر البهو إلى باب الخروج...كدت أخرج...اصطدمت بال"سنيور سيلفبو" حين انعطفت...كان يهم بالدخول...و كنت أهم بالخروج، فصدني...ارتطمت ببطنه فتقهقرت إلى الوراء، وعدت إلى الداخل مترنحا...كدت أسقط..و لكني تمالكت جسدي... و لم اسقط...نظر إلي ال"سنيور سيلفيو" نظرته الباردة التي لا حياء فيها و لا حياة...و تجاوزني في صمت...بادرت بالإعتذار مبتسما، متوددا :
_ إسكوزا مي سنيور سيلفيو.
لم يرد على اعتذاري...تجاهلني و واصل سيره غير مبال، يحمل جسده الضخم و يتنفس في عسر و يدفع بطنه الكبير...رأيته يتمتم و هو يتقدم ببطء...لم أتبين ما قال...رأيت شفتيه تتحركان....
_ بريقو.
هل قال "بريقو"؟... هل رد على اعتذاري؟...هل قالها حقا؟....لا...لا أعتقد...بل الأقرب أنه شتمني شتما غليظا فاحشا...أنا أعرف ال"سنيور سيلفيو"...إنه لا يعتذر، و لا يرد على اعتذار......
...استفزتني حركة شفتيه..ملامح وجهه المشمئزة دائما...نظراته السلبية الباردة، و الحاقدة على كل شيء...تمتمته المريبة الغامضة...كل هذا أعطاني انطباعا فوريا بأنه شتمني....هل شتمني حقا؟...هل شتمتني يا "سيلفيو"؟....حسنا...إلى الخيال إذا......
...آه من الخيال يا "سيلفيو"...
" لست أدري تحديدا أي شيطان رجيم يمتطي صهوة رأسي و يلهو بخيالي و بعبث بي حين أرى حمرة وجهك المتورم المتورد دائما...فكأنما أرى مؤخرة قرد شقي يستعرض حمرتها بوقاحة و ينط بلا مبالاة من صخرة لصخرة في فضاء ما بحديقة حيوانات "البلفيدير"...سماء دخانية اللون...جدران رمادية حزينة...مدينة كئيبة...كلبك الأعرج...حمرة وجهك يا "سيلفيو"...و مؤخرة "البابوان"...لطخات أربكت المشهد...و عناصر اجتمعت لتلوث البصر...عناصر أسقطت إسقاطا تعسفيا لتجسد للقبح معنى كما ينبغي..."
هكذا رسمت ثلاث نقاط و أغلقت المظفرين و طويت خيالي و مضيت متمتما.
.............................
على قاعدة تمثاله الحجري جلست...تمثاله لا يتوسط الساحة التي تحمل اسمه "بيازا قاريبالدي"....و لكنه في ركن قصي من أركانها....استندت بظهري إلى المدرجات الرخامية تحت رجليه الكبيرتين...كان واقفا باعتدال الواثق ...ينظر إلى الأفق أمامه كمن أنجز مهمة و اطمأنّّ...احتملت البرد تحت رجليه يتسرب إلى ظهري و قفاي من أجل أن أسترخي قليلا مستأنسا بصمته
..." أرأيت يا قاريبالدي كم اتسعت هوة الخلاف بيني و بين هذا المناخ، و انقطع التواصل مع عناصره....أنا هنا عنصر دخيل و جسم غريب...منبتي في الضفة الأخرى و تربتي هناك...أراني الآن هناك، تلفحني خيوط الشمس الذهبية المتوهجة...كم أحن لكتل الضوء المبهرة و لسمرة الأرض و الوجوه و للإبتسامات الدافئة تشرق في وجهي بلا مقابل من وجوه تعتليها الطيبة و التودد...كم أشتاق الآن يا قاريبالدي للقاء صديق، نتعانق في شوق و يربت على كتفي...كم أود زيارة مقبرة "سيدي يحي" و قراءة فاتحة الكتاب على قير والدتي و أنثر فوقه فتات الخبز تقتات منه الطيور....أرى الآن رجل الشرطة بزيه الأزرق الداكن يوقفني هناك على ناصية الشارع المزدحم و يطلب بحدّة وثائقي فيحرجني أمام مارة وجوههم معلقة بي فيتوهج دمي و أتضاءل حتى أندثر و أتلاشى خجلا...لا يهم...يحدث هذا دائما....ما أحوجني الآن يا قاريبالدي لمقعد خشبي مريح أسترخي عليه في الشارع الكبير كما كنت أفعل حين يرهقني التسكع بين واجهات المتاجر الفاخرة أو قاعات سينيما الأنهج الخلفية....كان تمثال ابن خلدون ينتصب على يميني يتأبط كتابه دائما...و دائما كان ورائي باعة الزهور...لكم هممت بأن أمد يدي خلفي و أختلس وردة حمراء، قانية الحمرة، كدمي المتوهج....و لكم هممت بأن أتسلق تمثال الشيخ و أهبه الوردة الحمراء المسروقة و أقرأ في كتابه :" ...التاريخ في ظاهره لا يزيد على إخبار عن الأيام و الدول، و السوابق في القرون الأول، تنمو فيه الأقوال، و تضرب فيه الأمثال، و تطرف بها الأندية إذا غصها الإحتفال، و تؤدّي لنشأة الخليقة كيف تقلبت بها الأحوال، و اتسع للدول فيها النطاق و المجال، و عمّروا الأرض حتى نادى بهم الإرتحال، و حان منهم الزوال، و في باطنه نظر و تحقيق، و تحليل للكائنات و مبادئها دقيق، و علم بكيفيات الوقائع و أسبابها عميق..."...و أقرأ في صفحة أخرى تبدلت صدفة إثر هبة ريح :"...و إذا تبدلت الأحوال جملة فكأنما تبدل الخلق من أصله و تحول العالم بأسره و كأنه خلق جديد و نشأة مستأنفة و عالم محدث، فاحتاج لهذا العهد من يدون أحوال الخليقة.."..
...كان عندي إحساس عميق بأن التمثال الحجري البارد يصغي بتعاطف إلي شجني المكتوم و إلى بوحي و أنا أتداعى بصمت تحت رجليه الرخاميتين الباردتين اللتين ازدادتا بردا باقتراب الليل...و لم يعد ظهري المتصلب يحتمل مزيدا من البرد فنهضت متيبس الفقرات و قد بدأت أضواء الساحة تشتعل...
...عبرت الساحة و الرصيف الحجري الأملس و دخلت الزقاق المؤدي إلى فندق "ألبارقو باصاني" حيث أقيم منذ ثلاثة أشهر...كانت قطعان جرذان اشبه بالخنازير الصغيرة قد بدأت تخرج من أنفاق البنايات و من فتحات المجاري و ترتع متنقلة بين حاويات القمامة و تتنافس على ما حوت...بينما القطط تتهادى و تمضي مسالمة بلا مبالاة...
اجتزت مدخل الفندق بحذر كي لا أرتطم ببطن ال"سنيور سيلفيو"...كنت ساتحاشى النظر إلى حمرة وجهه لو اصطدمت به ثانية...غير أن ذلك لم يحدث....أسرع إلي "الراعي الألماني" الضخم مرحّبا، يجر قائمته متودد القسمات، وديع الملامح، سابلا أذنيه إلى الخلف...مسحت برفق على رأسه فاستكان ذليلا، و مضيت أتسلق الدرجات بوثبات مديدة...فتحت الغرفة فبدت سوداء مظلمة كالقبر برغم فتحة الضوء التي تركتها مفتوحة...هواء السماء يتسرب من النافذة جليديا باردا...كانت الغرفة أشد بردا من رجلي قاريبالدي الحجريتين...البرد الشديد يعمق الإحساس بالغربة...و لم أعد أحتمل وحشتهما.......
...لم أجد شيئا ذا قيمة يمكن أن أضعه في حقيبتي...كل أشيائي تافهة و حقيرة...حتى الجوارب البيضاء اسودت من كثرة استعمالها....و لم يعد ينفع مع سوادها الغسل...و لم أعد أحتاج لحقيبة.....................
انتهت
0 commentaires:
إرسال تعليق