وصف الصوره

من ينقذ التاريخ في الجغرافيا الجديدة؟

الأكيد أنه عنوان تعبيرا مجازيا لما يحدث هذه الأيام من رسم جديد للخارطة السياسية الجديدة لتونس ما بعد ثورة الكرامة والحرية ومن موقعي كمتصرف مستشار للوثائق والأرشيف للأسف أعجز عن تقديم إستشارة لسؤال مثل "من يحمي تاريخ البلاد المدون في وثائقها الإدارية والذي يشهد على حقبة تاريخية مرت بها البلاد أمام هذا العبث المتواصل بالرصيد الأرشيفي في أنحاء مختلفة من الجمهورية التونسية

بكل أسف نسجل تجاوزات تحصل من حين لآخر وخرقا صارخا للمدونة القانونية الأرشيفية التي خلنا لفترة ليست بالوجيزة أنها مكسبا
كبيرا بإمكانه حماية موروثنا الإداري وبكل اسف بقي حبرا على أوراق الرائد الرسمي للجمهورية التونسية
خرقا يتمثل في احراق وثائق هامة واتلاف غير قانوني لرصيد هام من الوثائق في بعض مؤسساتنا العمومية
فأين يكمن الخلل إذا هذا أيضا سؤال إجابته تكاد تكون ضبابية على إعتبار أن الهياكل المخولة لها ذلك ربما ليست واضحة المعالم في المدونة القانونية خاصة في مجال التقاضي ولكن على الأقل يوجد هيكل اسمه "مؤسسة الأرشيف الوطني " والتي من بين مهامها حسب قانون الأرشيف عدد 95 المؤرخ في 2 اوت 1988 من بين مهامها العمل على صيانة تراث الأرشيف الوطني والسهر على تكوين وحفظ وتنظيم وتنظيم واستعمال أرصدة الأرشيف التابعة التابعة للمرافق العمومية والهيئات المشار إليها بالفصل 3 من هذا القانون أليس إذا حماية الأرصدة الأرشيفية التي تعبر عن أنشطة المرافق العمومية في صلب إهتمام مؤسسة الأرشيف الوطني

أتسائل إذا اين دور هذه المؤسسة العريقة فيما تشهده تونس اليوم من تعدي فاضح على هذا الرصيد الوثائقي لو نرى الى يوم الناس هذا ولا تدخلا صارما ولا تكثيف حتى في إصدار بيانات في وسائل الإعلام السمعية البصرية ولا تهديدا بتتبع المعتدين ولا بحثا حتى في السبل التي تكفل ذلك إن لم يكن مخولا لهذه المؤسسة القيام بالمقاضاة أو ما شابه

الطرف الثاني المسؤول في نظري المتواضع خبراءنا في مجال الأرشيف الذي يشهد لهم العالم في خبرتهم في المجال لم نراهم يتقدمون يوما في وسائل الإعلام المرئية والسمعية للحديث عن هذه المعظلة وهذه الظاهرة الخطيرة وما مدى تأثيرها على حقوق الأفراد والجماعات من ناحية وما تأثيرها على ذاكرة الوطن وفي كتابة التاريخ الجديد لتونس الحديثة غدا يشد علماء التاريخ الرحال إلى بلادنا للبحث حول ثورتنا المجيدة فهل سيجدون ظالتهم يا ترى ؟؟؟؟؟ سؤال استنكاري طبعا لأن الإجابة ستكون بلا نتيجة ما نراه من إتلاف غير قانوني للوثائق

أهيب بهؤلاء الخبراء الذين نقدرهم كثيرا ونكن لهم عرفانا حول ما زرعوه فينا من حب للإنتماء لهذا البلد من خلال حبنا لتاريخه وما سطر في أوراقه ونعلم أن خبراتنا التونسية في مجال الأرشيف غزت العالم من المحيط الى الخليج ومن حدود الالسكا إلى أقصى الجزيرة العربية كم أتمنى أن أرى هؤلاء يطالبون بحقهم في الحديث عن هذا الموضوع ويطرقون باب وسائل الإعلام حتى يتسنى لهم فضح هذه الممارسات ولما لا نجعل منها قضية رأي عام

اما الطرف الثالث وهو أيضا لا تقل مسؤوليته عن مسؤلية من سبق ذكرهم الجمعية التي عدها المهنيون مكسبا لهم رغم علمي بقلة مواردها ولاكن دورها مازال يكاد يكون مشلولا في ما يخص هذه القضية ولو قالو حاولنا نقول لهم شكرا ولكن أين الإصرار في ضل سياسة ديدنها رفع الصوت حتى تسمع الأصم

بعض كلمات تتزاحم بداخل متصرف في الوثائق والارشيف تأسف لما يحصل في بلد يكاد يكون الأول عربيا في النهوض بقطاع الأرشيف وها أنه ضحية تهميش تام لهذا القطاع رغم ما يملكه من مدونة قانونية وموارد بشرية مختصة

نزيهة الجليطي

0 commentaires:

إرسال تعليق