مظفّر النواب ( الاساطيل)
إن ما يميّز انتفاضة 14 جانفي - ما يعرف بالثورة - ، كونها كانت انتفاضة شبابيّة بامتياز، ذات مطالب اجتماعيّة تتعلق بحالة الاحتقان التي عاشها شباب تونس جراء السنين العجاف التي أرغمتهم على اجتراع ويلات البطالة و التهميش طوال حكم المخلوع بن علي ، و أعمار شهداء الانتفاضة تؤكد ذلك فكانت هذه الفئة حطب و ووقود هذا الحراك الثوري و الاجتماعي في آن ، لكن المتتبع للمشهد الثوري و المشهد العام في تونس طوال سنة 2011 و السنة التي تلتها يكتشف
بروز عدد من الحركات الشبابية التي طفت على السطح نذكر منها " ائتلاف شباب الثورة " هذا المولود الذي قبر في المهد و" حركة شباب الكرامة" و الحركة الشبابية الفنية " أهل الكهف " بالإضافة لجميع الفصائل الشبابية لبقية الأحزاب السياسية الناشطة في المشهد السياسي التونسي ، لم تبرح هذه الحركات الشبابية الشارع طول سنة 2011 إلى حدود انتخابات 23 أكتوبر ، اذ مرّت بالقصبة 1 ثمة القصبة 2 ثم محاولات متكررة للعودة الى القصبة فشلت جلّها لكن نقطة التحول الكبري كانت في انتخابات 23 أكتوبر إذ خيّر البعض مقاطعة هذه الانتخابات ( حركة شباب الكرامة ) لأسباب تم إعلانها في حينها على وسائل الإعلام وهي : عدم الرضاء على مشاركة الوجوه التجمعيّة في اوّل عرس للدميقراطية أتى بعد انتفاضة عارمة على هذا الحزب السرطاني الذي ساهم بشكل كبير في حالة التهميش التي عاشها شباب تونس طوال حكم المخلوع ، بينما خيّر البعض الاستقالة الجماعية من الأحزاب و نذكر هنا موجة الاستقالات التي عاشها الحزب الديمقراطي التقدمي حينها و حركة الشعب ، في حين خير البعض الاخر و نذكر منهم بعض مناضلي "اتحاد اصحاب الشهادات المعطلين عن العمل " خوض تجربة الانتخابات بشكل مستقل ،
واذا خير البعض المقاطعة و البعض الاخر خير المشاركة كمستقلين فثمة شقّ ثالث استقال كليّا من المشهد العام بعد انتدابه و تحقيق مطلب الشغل اذ كانت مطالبهم اجتماعية صرفة .
لكن الصدمة الكبرى كانت مع الإعلان عن نتائج هذه الانتخابات ، اذ غاب الشباب بشكل لافت عن المجلس التأسيسي و هنا ثمة من يقلل من الحنكة السياسية و ينكر الكفاءة العلميّة لهذه الفئة العمريّة ، هذه التعلّة مردودة على أصحابها فمن نفّذ و قاد تحركات انتفاضة 14 جانفي اغلبهم من أصحاب الشهائد العلميّة المعطلين عن العمل و أصحاب تجارب نضاليّة في الاتحاد العام لطلبة تونس ، و فيهم من اكتوى بويلات القمع النوفبري فعاش السجن وعذاباته ( مساجين طلبة سوسة ، طلبة منوبة ) ،
دون أن ننسى ثقافة الزعامتيّة التي تتخبط فيها اغلب الأحزاب السياسية في تونس ،اذ أقصت الشباب و جعلتهم طابورا خامسا وفي أحسن الحالات طاقة متجدّدة للفعل يتم تحريكها متى أرادوا ذالك و يتم تنويمها و تهميشها في الأغلب الأحيان ( نذكر هنا تحرك بعض الشباب في المؤتمر القومي العربي ضد مشاركة السيد راشد الغنوشي و ما تبعه في الغد من بيانات شجب و تملص من هذه الحركة الاحتجاجيّة) .
و في الختام :
المسنون من الثوّار جدّا
خيلهم تركض في ... في دمي
نحو الكراسي
و بنفط الله يعتمّون
من غير نفط شعبنا قابل للاشتعال
جمال قصودة ( شهيد القطار )